آيتي نيوز (منتدى “رياليتي” للصحة الرقمية) – بالتزامن مع العدد 2000 من مجلة “رياليتي” التي خلقت لنفسها منذ تأسيسها نهجا مختلفا من خلال الاهتمام بموضوعات ومجالات مختلفة مما جعلها صامدة في وجه كل العواصف التي مرت على قطاع الإعلام، تنظم المجلة الدورة التاسعة لمنتدى الصحة الرقمية.
دورة جديدة من المنتدى الذي يضع لبنة أخرى من الفرادة والاختلاف الذي صنعته المجلة من خلال اهتمامها بمشاغل قطاع الصحة وحرصها على مواكبة التطورات التكنولوجية في المجال وخلق نقاش مستفيض حول واقع الصحة الرقمية.
وكسابقاتها تنهل هذه الدورة، التي تحمل عنوان “مساهمة الرقمي والذكاء الاصطناعي في تحول الرعاية الصحية “، من الواقع وتقتنص التحديات المطروحة أمام الرعاية الصحية في تونس على وجه الخصوص مع الاستئناس بتجارب مقارنة على غرار فرنسا.
على امتداد ثلاثة أيام من 23 إلى 25 ماي تتحول قاعة الندوات في نزل الحمراء بالحمامات إلى منصة لتشريح الواقع وتبادل التجارب والخبرات لبحث التحديات والفرص المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة.
بالشراكة بين منتدى حقائق الطبي والجمعية التونسية للتطبيب عن بعد والصحة الرقمية، رأى منتدى الصحة الرقمية النور ووضع أصابعه على عدة مواضيع من بينها التشريعات الخاصة بهذا المجال، والصحة النفسية، واستراتيجية وزارة الصحة أمام التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في عصر الذكاء الاصطناعي.
عين على فعاليات المنتدى
مثل المنتدى مناسبة لنقاش التطور الملحوظ الذي شهدته الصحة الرقمية في السنوات الأخيرة إذ لعب الذكاء الاصطناعي دورًا هاما في تحسين خدمات الرعاية الصحية، والتشخيص المبكر للأمراض، ومتابعة المرضى خارج المؤسسات الصحية، فضلا عن مساهمته في اكتشاف علاجات جديدة.
وناقشت هذه المتصة التي تجمع مهنيي الصحة وخبراء ومسؤولين من مجالات صحية مختلفة موضوع الصحة الرقمية في تونس، من خلال إلقاء الضوء على الاستراتيجيات قيد التنفيذ والتطلعات المستقبلية مع التطرق إلى الثورة التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في الصحة في العالم.
ولأن العالم يواجه أوبئة وكوارث طبيعية ونزاعات مسلحة، فإن النقاشات خاضت في دور الصحة الرقمية في إدارة هذه الأزمات التي عاشت على وقعها الإنسانية في السنوات الأخيرة وهو ما يجعل التحيين والتأقلم مع التطور التكنولوجي ملحا، خاصة وأن الصحة الرقمية تساهم في تشخيص يتميز بدقة أكثر ورعاية أسرع وأكثر فعالية في مثل هذه الأزمات.
أما الطاولة المستديرة التي تنتظم بالتعاون مع الجمعية الدولية للصحة الرقمية وجمعية معلوماتية الصحة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقدت كانت فضاء لمشاركة عديد التجارب ومناقشة أفضل الممارسات في استخدام الصحة الرقمية في هذه الظروف الاستثنائية.
المنتدى خاض أيضا في مزيد تطوير مهارات الاطارات الطبية وتقييم كيفية تدريب الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان الناشئين لدمج التكنولوجيا الجديدة والذكاء الاصطناعي في ممارستهم المهنية، و أهمية التكوين المستمر للإطارات الطبية في هذا المجال واستخدام الذكاء الاصطناعي من قبل مهنيي قطاع الصحة في تونس والعالم، بالإضافة إلى تأثيره في المهن الطبية وممارساتها وستتمحور النقاشات حول التحولات التي يحملها الذكاء الاصطناعي في مجالات متنوعة من الصحة، مثل الطب، وطب الأسنان، والتصوير الطبي، والصيدلة، وعلم الأحياء.
وناقش مختلف المتدخلين مزايا دمج الذكاء الاصطناعي والتحديات التي يطرحها في هذه المهن، بالإضافة إلى التكامل بين المهارات التقليدية لمهنيي قطاع الصحة والتقنيات الحديثة، وتحليل سياق استخدامات الذكاء الاصطناعي في تونس، بهدف صياغة توصيات استراتيجية لاستخدام فعّال ومسؤول للذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة، لأجل تحقيق قيمة مضافة على المدى القصير.
ولا يمكن الحديث عن الرقمي دون الحديث عن تموقع مشغلي الاتصالات في قطاع الصحة، وإلى مساهمة التطور المتسارع لتطبيقات الصحة الرقمية في دعم الشراكات بين مشغلي الهواتف المحمولة والممارسين التقليديين في مجال الصحة ودور الاتصال الموحّد في الصحة الرقمية في ظل تطورات التكنولوجيات المتنقلة، بما في ذلك انتشار استخدام شبكة الجيل الخامس، والتي ستساهم في نشر التطبيب عن بعد على نطاق واسع.
وفي الحفل الاختتامي للمنتدى الذي ينتظم اليوم سيتم تسليم جوائز الابتكار في الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي، تكريما للمشاريع الواعدة في مجال الصحة الرقمية، وذلك إثر مسابقة أطلقها لاختيار للمشاريع الرائدة والمبتكرة في مجالي الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي، مما يوفر فرصة هامة للتركيز على أهمية التجديد والابتكار في هذه المجالات.
حاجة ملحة للتعجيل باصدار النصوص التطبيقية لقانون الصحة الرقمية..
في ظل التطور المتسارع للتكنولوجيات الحديثة لا يمكن أن تلحق الصحة الرقمية في تونس بركبها في ظل غياب نصوص تطبيقية لقانون الصحة الرقمية، حيث أكد رئيس المنتدى الطبي لرياليتي الطيب الزهار الحاجة الملحة للتعجيل باصدار هذه النصوص التطبيقية بما يوفر للمهنيين اطارا آمنا ويساعد على إدماج التكنولوجيات الرقمية الحديثة في تطوير الرعاية الصحية وتطوير الخدمات الصحية خدمة للمواطن التونسي وللمنظومة الصحية التونسية.
وشدد، في سياق متصل، على وجود اهتمام كبير بتطوير الصحة الرقمية في تونس، مستطردا “الا ان التشريعات لم تواكب هذه الديناميكية خاصة وان قانون الصحة الرقمية في تونس موجود منذ سنة 2018 الا ان النصوص التطبيقية الخاصة بهذا القانون لم تصدر بعد”.
وأضاف أن عدم صدور هذه النصوص يمثل عائقا كبيرا امام تطور الصحة الرقمية في تونس بالنسق الذي يتطلع اليه المختصون في هذا المجال والشركات الناشئة التي تعمل على مواكبة احدث التكنولوجيات الرقمية المعتمدة في العالم ومن بينها على وجه الخصوص الذكاء الاصطناعي.
ومن جهته دعا رئيس الجمعية التونسية للتطبيب عن بعد والصحة الرقمية، عزيز الماطري، إلى التعجيل بإصدار النصوص التطبيقية الخاصة بالقانون المنظم للصحة الرقمية الصادر منذ سنة 2018.
وبين أن النصوص التطبيقية من شانها أن تعطي دفعا كبيرا للصحة الرقمية وتوفر إطارا قانونيا وتنظيميا لعمل الاطباء وتدخلاتهم في مجالات الكشف والعلاج وفي برامج التوقي الصحي.
الصحة الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي ..
أكّد رئيس اللّجنة العلمية للدورة التاسعة لمنتدى رياليتي، رضا كشريد، أهمية الذكاء الاصطناعي في تطوير الصحة الرقمية، وفي تقريب الخدمات للأطباء وللمرضى.
ونبه إلى التحديات والمخاطر التي يمكن أن يطرحها الذكاء الاصطناعي خاصة في علاقة بالمعطيات الشخصية، الأمر الذي يطرح إشكاليات أخلاقية وقانونية.
واعتبر أن الصحة الرقمية في تونس شهدت نقلة نوعية خلال فترة الكوفيد وأصبحت جزءا من العمل اليومي للأطباء، لافتا إلى بروز شركات ناشئة مهتمة بالعمل في مجال الصحة الرقمية وتمكنت من تحقيق نجاح وطني وعالمي.
ومثل المنتدى، وفق كرشيد، مناسبة للوقوف على تقدم الصحة الرقمية في تونس من خلال عرض استراتيجية وزارة الصحة ومركز الاعلامية لوزارة الصحة والصندوق الوطني للتامين على المرض، والتعرف على التجربة الفرنسية في مجال الصحة الرقمية بهدف الاستفادة من هذه التجربة وتعزيز تبادل التجارب في مجال الصحة الرقمية.
لا مفر من توظيف الذكاء الاصطناعي..
أكد رئيس قسم الأعصاب بمستشفى الرازي ورئيس مجمع تدريس الأعصاب بتونس وعضو الأكاديمية الفرنسية لطبّ الأعصاب رياض قويدر، أنّ واقع الصحة الرقمية واقع مختلط من حيث استعمال الذكاء الاصطناعي والرقمنة.
كما أشار قويدر إلى انخراط عدد من المؤسسات الصحية في هذا المجال، مطالبات بضرورة إيجاد إطار قانوني ينظم العمل في هذا المجال والعمل على خلق آلية تضمن انخراط الإطارات الصحية في الصحّة الرقمية والتطبيب عن بُعد.
واعتبر أنه لا مفر من توظيف الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة في تونس في ظل ما يشهده العالم من تطورات تكنولوجية انعكست أساسا على خدمة التطبيب عن بعد.
ولفت قويدر إلى دور الذكاء الاصطناعي والتطبيب عن بعد في نجاعة الخدمات الطبية وانعكاسهما إيجابيا على الرعاية الصحية من ذلك عدم تحمل عبء التنقل إلى العيادات، مؤكدا ضرورة انخراط كل مهنيي الصحة في الرقمنة وتوظيف الذكاء الاصطناعي.
المصدر: رياليتي